الثلاثاء، 24 أبريل 2012

بأى ذنب قُتلوا .. ؟


خالد محمد سعيد صبحى قاسم ،كان شاباً مصرياً فى الثامنة والعشرين من عمره من الاسكندرية ، صاحب مكتب استيراد وتصدير،توفى والده فى الخامسة من عمره،والدته ربة منزل كبيرة فى السن ،لديه أخت وأخ أكبر منه هما زهراء وأحمد ،الأخت متزوجة ومقيمة فى القاهرة والأخ يقيم فى أمريكا وكل أفراد عائلته تحمل الجنسية الأمريكية الا هو.
                                         ****
مينا دانيال ،مينا كان شاباً لم يبلغ بعد الثانية والعشرين من عمره من قرية صنبو بأسيوط، كان من مؤسسى ائتلاف شباب ماسبيرو ،وكان عضوًا فى حزب التحالف الشعبى الأشتراكى وكان عضوا فى حركة من أجل العدالة والحرية، لديه أخوان وأختان وكان اصغرهم وأصبح مينا ناشطا سياسىا بعد حادثة نجع حمادى فى يناير 2010
                                         ****
 خالد كان متعلماً بدرجة كافية تؤهله لان يكون جزءا نافعا فى المجتمع ..
 أستطاع خالد الحصول على اشرطة فيديو تحوى لقطات لبعض ضباط ومخبرين بقسم سيدى جابر وهم يتاجرون فى المواد المخدرة ونشر الفيديو بين أصدقائه وكانت فى نيته تسجيل مدونة على الانترنت لفضح هؤلاء الضباط والمخبريين وفى يوم مشئوم  قصد خالد فى ساعة متأخرة الى (النت كافيه) بالقرب من منزله كالمعتاد وفجأة دخل عليه أثنان من مخبرى الشرطة وأنهالا عليه بالضرب المبرح وصدما رأسه برخام موجود بالمقهى بهدف ارهابه وتأديبه والقضاء عليه ان لزم الامر حتى يكون عبرة لغيره متدرعين قانون الطوارىء وكان ذلك على مرأى و مسمع الحاضرين بالمقهى الذين أصابهم الذعر و الخوف و وقفوا كمن أصابه مس من الشيطان لا يصدقون ما يرونه بأم أعينهم وهنا أخذت الحمية صاحب المقهى متدخلا لانقاذه وقد شارف الشاب على الموت فى مشهد مأساوى يقطع نياط القلوب وطلب الكف عن ضربه  والخروج فوراً فسحلوا خالدا للخارج وأخذوه الى مدخل عمارة مجاورة وظلا يضربان رأسه بالبوابة الحديد للعمارة المجاورة وكان شهيدنا البطل الذى جاد بنفسه فى سبيل اعلاء كلمة هى اصدق كلمة عند الله وهى كلمة الحق فى وجه السطان الجائر فاذا به يتهاوى على الارض لافظا الرمق الأخير من حياته واذا بروحه القوية تخرج معلنة لحظة ميلاد بطل جديد يعلن بداية النهاية للظلم و الأستبداد وحقا أنها كانت لحظة مخاض حقيقى لمصر لقد ودع خالد الحياة الارضية الناسوتية متجها الى السماوات العلوية ليرى كيف كانت كلمته .. نهاية الظلم و الطغيان وبداية لثورة بيضاء على الظلم فالقوا به فى سيارة الشرطة (البوكس) وبعدها بدقائق عديدة رميا به الى الشارع منتظرين وصول الاسعاف
                                        ****

مينا كان حاصلا على دبلوم فى علم الاثار وعندما لم يستطع الحصول على وظيفة فدرس تجارة فى جامعة خاصة ..
مينا شارك فى ثورة الخامس والعشرين من يناير حالماً باسقاط نظام فاسد ومستبد وكاد مينا يفقد حياته يوم موقعة الجمل فى الثانى من فبراير بعد ان تلقى رصاصة فى كتفه وواحدة أخرى فى ركبته بين العظام فقد كان أحد مطاردى القناصة ومقاتلى موقعة الجمل ولم يكتف بأيام الثورة فقط للتظاهر ضد الاستبداد فكان دائماً فى الصفوف الأولى للمسيرات المنادية بالغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين وأيضا الغاء قانون الطوارىء وفى يوم الأحد التاسع من أكتوبر 2012 خرج مينا فى مسيرة قادمة من دوران شبرا متجة الى ماسبيرو مع الكثير من الاقباط للتنديد بالعنف الطائفى مرتدين ملابس بيضاء وكان متحمساً وسعيداً يهتف بصوت عالى غير مدرك أنها قد تكون اخر مسيرة فى حياته وأيضاً كان غير ابه بيستشهاده برصاص مصوب من جهة جنود المجلس العسكرى
                                  ****
    وفى مساء الخميس العاشر من شهر يونيو أعتصم أهل خالد و أصدقاؤه والناشطون المتعاطفون مع قضيته فى تمام الساعة الثانية عشر أمام قسم سيدى جابر فلم يستطع أن يتخيل مأمور القسم أن هناك من يجرؤ بالأعتصام والتظاهر حتى لطلب حق خالد فأمر المأمور بتصريح من وزارة الداخلية بضرب واعتقال كل معتصم وكان من ضمنهم بعض المصورين والصحفيين الدى كسرت كاميراتهم و حبسوا فتصاعد الأمر الى احتجاجات فى محافظة القاهرة ومن ثم صفحة على موقع التواصل الأجتماعى (كلنا خالد سعيد ) والجدير بالذكر أنها كانت الشرارة الأولى التى اشعلت اتون الثورة البيضاء المباركة التى دعت للنزول يوم الخامس والعشرين من يناير للمطالبة بحقوق المصريين أجمعين ولم تكن فى نية الصفحة قيام ثورة ولكن فقط الحصول على بعض الحقوق ثم أنضم اليها المصريون بجميع أطيافهم ومشاربهم وأنتمائتهم الحزبية ،مثقفين وغير مثقفين ،من ظلم النظام ، وكأن يوم الخامس والعشرين يوم الخلاص من الأستبداد.
وتعليقاً على الأحتجاجات المفجرة من الأسكندرية والقاهرة وصف حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان خالد سعيد شهيد الإسكندرية ب(شهيد قانون الطوارىء) ومن وجهة نظرى أنا أعتبر الشهيد خالد سعيد من أسباب الثورة لأنه أيقظ ما غفل عنه المصريون من ثلاثين عام وهى الكرامة الإنسانية .. فكان فى نية خالد فضح الفاسدين فلقى مصرعه بدون وجه حق.

                  ****
مينا قُتل لأنه طالب بحقه من سكن،عمل مستقر، اجر دائم ومستقبل مشرق بحرية الوطن من الأستبداد والظلم . بأستشهاد مينا،أُنشأت حركة بأسمه (حركة مينا دانيال ) وعقب أستشهاده قام اثنان من أصدقاء مينا ارادا أن يخلدا حلم مينا بحمل سارية بها علمان الأول وهو علم مصر والثانى وهو علم به صورة مينا وعلى علم مصر مرسوم هلال مع صليب بجواره كلمة حرية وعلم مينا يكون دائماً فى مقدمة أى مظاهرة أو مسيرة وكأن روحه تقود المسيرة كما كان يقودها حياً وحتى فى حدوث أى صدام بين الأمن والمتظاهرين علم مينا دائماً مرفوع ودائماً اثنان يرفعانه أحدهما مسيحى والأخر مسلم ولا يمكن ابداً لعلم مينا أن ينزل لأنه مصدر الوحى والشجاعة كروح صاحبه

                ****      
فلتخلدى أيتها الروح مطمئنة ولترجعى لربك راضية مرضية ولتعلمى أننا نتفائل أمام قوتك الروحية الشابة ..
ولتذهبى إلى ملكوت رب العالمين معلنة نهاية زمن الطغيان.

هناك تعليق واحد: